عمالنا موقع عمالي إخباري
” إن القيادة علمٌ وفن فهي ما تميز حياة الأشخاص فتجعل من يفهمها ويطبقها جيداً عظيم الشأن ذائع الصيت بل وصاحب سيرة طيبة ملهمة ومؤثرة ”
تكلمنا في الحلقة السابقة عن أهمية الاستعداد للمقابلة الأولى التي ستحدد هل ستحصل على الوظيفة أم لا، وللأسف يشتكي الكثير من المتقدمين للوظائف أنهم يلاقوا دائماً الرفض عند مقابلاتهم الأولى التي تحدد مستواهم وقبول جهة العمل لهم .
وتعرفنا على كيفية الاستعداد الجيد بطرق القيادة المؤثرة والتي ستساهم في إقناع إدارة جهة العمل بالقبول، أما الآن جاء وقت تحديد المصير .. وقت المقابلة الفعلية فماذا ستفعل وكيف تقنع جهة العمل بشخصيتك وأنك أنت الشخص المناسب للقيام بهذه الوظيفة، وأنك ستتحمل هذه المسئولية بجدارة .
عندما انتهيت من إلقاء إحدى محاضرتي عن علوم القيادة في قاعة د فتحي سرور بمركز طلعت حرب الثقافي جائتني فتاة خريجة تجارة خارجية ، لها روح لطيفة مهذبة وسألتني سؤال لم أكن وقتها مستعد لإجابته ، قالت :
” أنا سأذهب الأسبوع القادم لمقابلة مدير الشركة التي قدمت أوراقي بها، فماذا تنصحني من وجهة نظرك كمحاضر في علم القيادة أن أفعل لكي أحصل على هذه الوظيفة ؟ “
طبعاً هي كانت تتكلم بالعامية ولكن هذا معنى سؤالها بالتحديد، وكنت وقتها قد اجتزت دورة هامة للغاية في علم لغة الجسد، فقلت لها : ” أنني لم أستعد بالإجابة الكاملة لهذا السؤال وذلك للأمانة العلمية، ولكني سأجيبك من خلال لغة الجسد كيف تجلسين وكيف تكون حركة يداك إيجابية لكي تكوني مؤثرة وموضع ثقة وإهتمام لمن يستمعوا إليكِ”
وبالفعل قلت لها ما أعرفه ولم أمرر الأمر بهذه الطريقة لكنني بحثت بعدها لعدة أشهر وبخاصة في المراجع الأجنبية المتخصصة لغزارة الشرح وقوة المضمون، وبالفعل وجدت عدة مراجع تتكلم عن المقابلة الأولى للحصول على وظيفة وكيف تتصرف فيها.
وبعدها بفترة ألقيت عدة محاضرات في هذا الشأن المهم وأفردت فصلاً كاملاً في كتابي ( أسرار الكاريزما ) عن ذلك لما له من أهمية.
إذن فماذا تفعل في المقابلة الأولى للحصول على الوظيفة ؟
أولاً : بعد مرحلة الاستعداد أصبح عندك بعض المعلومات التي ستستخدمها عمليا لكي تنال القبول والثقة وقد تكلمنا عنها في الحلقة السابقة.
ثانياً : اتبع هذه الخطوات بسلاسة وطريقة تبدو طبيعية وغير متكلفة . الدخول لغرفة المدير إن الدخول لغرفة القيادات له برتوكولات خاصة جداً للتعامل مهما كان هذا المكان متواضعاً أو بسيطاً وعليك أن تكتسب مهارة الدخول لأنها ببساطة مهارة القبول الأولى .
أـ عندما يدخل موظف الشركة أو السكرتير قبلك لاحظ هل سيطرق الباب أم لا وكيف يطرق الباب .. لماذا ؟
ـ لأن ما سيفعله بالتأكيد هو الطبع السائد في هذه المنشأة ومن المؤكد أن المدير يحب ذلك، ولذلك فستفعل نفس الطريقة وأنت تدخل باب الغرفة وتقلدها ولكن بشخصيتك أنت.
ب ـ ابتسم قبل وبعد السلام . لماذا ؟
ـ لأن الابتسامة الجادة المشرقة تفتح القلوب لأي شخصية، ومع ذلك لابد أن تتعامل بذكاء مع الموقف فإن وجدت المدير أو القائم على المقابلة والتقييم مبتسماً ابتسامة عريضة فابتسم أنت أيضا بنفس طريقته كأنما ينظر في مرآة، و إن كانت ملامحه مقتضبة وابتسامته جادة فافعل ذلك ولكن هذه المرة لا تقلده بالضبط بل ابتسم بطريقتك المشرقة ولكن بجدية لكي لا يشعر المدير أنك تتعالى عليه، هذه نقطة هامة للغاية ..
ـ اِلقي السلام بطريقة لطيفة وصوت مسموع ونبرة هادئة قوية لتصبغ شخصيتك بالجدية والهدوء والتفاهم وأنت مبتسم أيضاً.
ج ـ إن سلم المدير باليد فسلم عليه بطريقة الوسط ( بعد تداعيات الكورونا ) . كيف ذلك ؟
ـ إن كان سلام المدير حاراً وقوياً فحاول أن تتلائم مع سلامه لترد له قدر الترحاب، و إن كان ضعيفاً سريعاً فواكب سلامه ببساطة ودعه يسحب يده أولاً لكي تعطي له قدره القيادي. لماذا ؟
ـ لأن السلام يعكس من الوهلة الأولى شخصيتك وطباعك وثباتك الإنفعالي ومدى تقديرك لمن تسلم عليهم وهذا في كافة مقابلاتك، وفي مقابلة العمل الأولى على وجه الخصوص.
د ـ اجلس بعدما يجلس المدير وإن كان جالساً فلا تجلس إلا بعدما يشير لك بالجلوس. لماذا ؟
ـ لأن المقابلة الأولى بها اختبارات خفية كثيرة يقوم بها المدير لكي يستكشف شخصية الموظف الجديد، فجلوسك بعدما يجلس أو يشير لك بالجلوس يعد سمة هامة جداً تعكس احترامك وذوقك الراقي.
هـ ـ اجلس بوسطية مستقيم الظهر مع ميلان خفيف لجهة المدير احتراما وتوقيراً له. لماذا ؟
إن الجلوس باستقامة الظهر يجعل صاحبه مؤثراً وذو كاريزما وشخصية قوية، ويستشعر فيه كل من يراه بأنه شخص يتحمل المسئولية، كما أن الميل الخفيف تجاه الذي يكلمك يجعله يشعر بأنك مهتم به ومحترم شخصيته وملتزم بأوامره.
و ـ تكلم بهدوء ورزانة ونبرة قوية مسموعة وسلسة في نفس الوقت. لماذا ؟
ـ لأن الكلام هو ما سيحدد شخصيتك وسحرك وقيادتك ومدى تأثيرك، وهذا سنتكلم عنه تفصيلياً في المستويات المتقدمة في القيادة والتأثير، لأن الكلام هو سر الزعامة والقيادة والتأثير، وإن كنت تريد أن تصبح قائداً نقابياً فلابد أن تعرف جيداً كيف تتكلم وماذا تقول ..
ي ـ بعدما تنتهي المقابلة أخرج بابتسامة مشرقة حتى لو لم يبتسم المدير واختم كلامك بشكره. لماذا ؟
ـ كما ذكرنا قبلاً أن الإنطباع الأول يدوم ولكن ما لا يعرفه الكثير أن : ( العقل البشري يبني علاقاته على أخر تجربة ) فإن كنت مبتسماً في نهاية اللقاء فسيتذكرك المدير دائماً بالابتسامة وإن كنت عبوساً فسيتذكرك بهذه الصفة، لذا فاجعل أخر إنطباع عنك جيداً لأن ذلك ما يثبت في الذاكرة والتقييم أيضاً.
وبهذه العناصر ستكون مؤثراً في مقابلتك الأولى سواء للوظيفة أو مع أي قيادة تقابلها بل ومع أي شخص فستترك له إنطباع رائع سيذكرك به دائماً وسيتذكرك بهذا الإنطباع كلما مررت على ذهنه. وفي الحلقات القادمة إن شاء الله وبمناسبة قرب الانتخابات النقابية سنبدأ في دروس كيف تبدأ في جذب الأصوات ومحبة الناخبين قبل أن تعلن عن ترشيح نفسك، الموضوع هام وسري وبسيط لكن الذي يعرف هو الذي يكسب..
وكلما تابعت أكثر وركزت في هذه الدروس ستضع نفسك على طريق القيادة الفعالة المؤثرة .. انتظرونا ..
بقلم : أحمد مصطفى معوض كاتب ومحاضر معتمد في علوم القيادة والتأثير مؤلف كتب : فن القيادة والتأثير ـ أسرار القيادة النقابية ـ كيف تكون قائداً عظيماً ـ تحقيق الذات ( الأسرار السبعة لكاريزما الزعماء وقوة التأثير )
